نموذج نص أدبي: والمعاني باقيات
عبد الكريم بن ثابت.
النص:
قـُدت نفسـي ذات صبـحِ لــِريــاضٍ حــافــــــلاتْ فـرأينا الـوردَ والفــُــــــ ــلَّ وكـــل الـــزهـَــراتْ وسمِعنا الطيـرَ يشْــــــدو
بـــــجميــــــلِ النغمـــاتْ
قلــت للنفــس تـــــملـَّـــيْ وانــظـــري مــا يخْلُبُنــي إنـــه
الـــــحـــب هـــنــــا كـامـــنٌ
يــجــــــــذبنـــي سـخرت نفســي منـي ثــم قالــت قــد مضـى قـد مضـى مـا كنتَ ترجــــــــوه وولَّـَّـى وانقـضـــى - - - - - - - - ودخـــــلنـــا فــي الضحـــى
ومعــانـــيــه العـِــــذابْ كـــــانت الشـــــمسُ تَهَادَى فوق
أمـــواج الســــحابْ وجــــلســـنا في ظــــلالٍ وتــــلوْنا
فــــي الكـــــــتابْ كـــــــلَّ مــا كــان ضــلالا كــل مــا
كــان صــــوابْ قلــت يــا
نــفــسُ اقـرئـِـي اقــرئي كــلَّ الــمـعــانــي كــمْ سَـبَانــي الفكـُر فيهــا مــن قــــديــمٍ كــم سبانــي سـخرت نفســي منـي ثــم قالــت قــد مضـى قـد مضـى مـا كنت تهواه وولِّــى وانقـضـــى ----------- وارتــحلنـا فــي مســاءٍ عــبــر أجـــواءِ
السـمــــــاءْ نتـــملِّـى فــي نــجــومٍ لامــعـــاتٍ
فـــي الفـــضـــاءْ غــائـــراتٍ فــي بحـــارٍ مــــن
بــهـــاءٍ وســـنــــاءْ نــتمنــى لــجــــمـــال الــليـــــل
دومــا وبـــقــــــاءْ قلــت يـا نفــسُ انظــري روعــةَ اللـيـــل البهيــــمْ روعــة كــم ذا سبَتْنــِــي حيــث أنستنــي الجحيـمْ سـخرت نفســي منـي ثــم قالــت قــد مضـى قـد مضـى مـا كنت تهواه وولـَّـى وانقـضـــى - - - - - - - - سـخرت منـي
نفســي ثــم
قالــت قــد مضـى قـــد مضـــى مــا تــتــــمنــاه وولـــى
وانـــقضــى آه مـــا هـــذا ؟ ألـــم يـَـبْــقَ لـــدى
الكـــونِ جمـــالْ ؟ أخَــبَـــتْ فيـــه المعانـــي وذوَى
السحـــــر الحـلالْ ؟ أيـــن مــا تـُـقـْــنا إليـْــهِ مـــن
تــمــــــــامٍ وكمــــالْ ؟ أيـــن مـــا كـــان لـــدينـــا رمـــزَ
خُــــلْــدٍ ومــثـالْ ؟ قلــت نفســي خبِّرينـــي يــا تـُــرى مـاذا العمــلْ إنــه يَسْــري مـــميـتــًـا سَــأَمٌ كـــمْ ذا قـــتـــــلْ سـخرت منـي
نفســـــــي ثــم
قالــت قــدْ مضـى قـــد مــضى عهدُ خـــيالٍ ثـــم ولَّـــى وانـــقضــى - - - - - - - - وانبـَــرى صـــوتُ نبــيٍّ كـــان فــي
العهـــد القديـــــــمْ قــال إنــي عشـــت دهـــرا فـــي
هـــــنــــاءٍ ونــعيــــــمْ ومـــلـــكــت الأرضَ والنــــاسَ ومـــا
فـــوْق الأديـــــــمْ فـــإذا الـــكـــلُّ هـــواءٌ
قبـــــْـــضُ ريـــحٍ يـــا كـريــمْ لا تـــســلْ نــفســـك عمَّــا كـــان
يــومــا أو يكـــــــونْ ســـوف يفنـــى العقـــلُ يومـا مثلــمــا يفنــى الجنـــونْ - - - - - - - - قالـــت النــفسُ
أخيــرا ســوف
نفنـــى وحــدَنَــا والمعــاني
بــاقيــــاتٌ خـــالـــداتٌ
بـعـــــدَنَــا عبد
الكريم بن ثابت: ديوان الحرية، كتاب العلم 5، مطبعة الرسالة، الرباط |